.. قال لنا أجدادُنا وكبراؤنا: “إن الانطباعَ الأول يدوم” !
لذا فإن الجدير بالعناية والأحق بالاهتمام هو أنْ يكونَ اللقاءَ الأولَ ذو أثر صالحٍ للبقاء في الوجدانِ إلا ما شاء اللهِ، فإن شغفَ الإنسان واهتمامه بالانطباع الأول طبعٌ من طباع الإنسان التي جُبلَ عليها، فالأول من كل الأمور أحقُّ بالتعلق والحنين، وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
نقِّلْ فُؤادَكَ حيثُ شِئتَ من الهوى ما الحُبُّ إلا للحبيبِ الأوَّلِ!
فكم من اثنين تقابلا ثم افترقا ثمَّ تقابلا ثمَّ افترقا مرات مرات وما زالت صورة لقائهما الأول تغلبُ على الذاكرة ومطبوعةً في الوجدان، فإن من طباع النفس أنها تحفظ الصورةَ الأولى من العلاقات البشرية، فما من حبيبين إلا وفي ذهنهما أول لقاء، أينَ كانَ وكيفَ كان؟ وما ذلك إلا لأنَّ الإنسانَ يهتمَ باللقاءَ الأول أكثر مما بعدَه!
ونحنُ إذا تأملنا العلاقات الاجتماعية عادةً ما نجدُ أصحابها بطبيعة حالهم يولون اللقاء الأول كل الاهتمام، فنجدهم يُحبون أن يظهروا في أفضل صورة حسبَ مناسبة اللقاء، واللقاء الأول لهُ شغف خاص لا يُشاركه فيه غيره من اللقاءات.
وهناكَ جملةٌ من الآداب والأخلاق التي يجب التزامها عند اللقاء الأول وألا نغفلها، إذا ما أردنا لهذا اللقاء أن يدوم ويبقى، على اختلاف الظروف والمناسبات.
وهناك العديد من السياقات والمناسبات التي يتخللها موقف اللقاء الأول، ويكون في الطرفان حريصين على نجاحه وترك انطباع يحبون أن يدومَ، ومن هذه المناسبات:
ـ) اللقاء الأولُ بينَ العروسين، أي عند الزيارة الأول للخطبة، ومن أهم الأداب الأخلاقية التي يعيبنا أن نتجاوزها
ـ الحرص على تحري الصدق والبعد كل البعد عن الخداع والنفاق لإيصال صورة ليس موجودة (كأن يدعي أحدهم أنه لا يُدخن في حين أنه يُدخن).
لكن هناكَ أمور قد لا تكونُ عادةً أصيلةً للشخص، فهو عند اللقاء الأول بحاجة إلا الاهتمام بها أكثر من أي وقت آخر، وهذا مما لا حرجَ فيه، ومن هذا:
ـ العناية في استخدام الألفاظ والحرص على انتقائها واختيار الأحسن منها والأحب إلى القلب.
ـ الحرص على الظهور في مظهر جميل جذاب تستريح له النفس والعين.
ومن هذه المناسبات أيضا التي يعتمد نجاحها بشكل كبير على اللقاء الأول:
ـ ما يُعرف بالمقابلة عند التقدم لشغل وظيفة ما، وهذا اللقاء الأول عليه عامل كبير في حصول المقصود من المقابلة ونيل الوظيفة المرادة، وهناك أيضا جملة من الآداب والنصائح يحسُنُ العمل بها عند عقد هذا اللقاء، منها:
ـ الحرص كل الحرص على الوفاء بالميعاد وحضور المقابلة في الموعد المحدد لإجرائها، فهذا له نصيب كبير في الحكم على شخصيتك ومدى جديتك، ومن الأمور البدهية أن أصحاب الأعمال يُحبون ويفضلون الأشخاص الذين يلتزمون بمواعيدهم.
ـ التحلى بالثقة أثناء إجراء هذه المقابلة، فالثقة بالنفس من أهم عوامل النجاح إطلاقا، والثقة في النفس تظهر بوضوح من خلال هيئة الجلسة وطريقة النظر والتحدث بطلاقة بدوت تلعثم ولا غيره مما يدل على التوتر أو الخوف.
ـ تقديم إجابات واضحة على يُطرح من أسئلة، ويحسنُ ألا يخرج أي كلام إلا بعد أخذ الوقت الكافي من التفكير، والبعد عن الإجابات المُشتتة المُحيرة التي لا تُعطي جوابا مُقنعا.
فهذه جملة من الآداب يجب أن يزدانَ بها اللقاء الأول، فاللقاء الأول _كما قدمنا_ هو العنوان المؤهل لأن يبقى حتى النهاية